وقد روى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حديث مرسل يخالف هذا رواه ابن أبى شيبة عن حفص ابن غياث، عن ابن أبى ذئب، عن محمد بن المنكدر، عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، قال:(إذا دعتك أمك فأجبها، وإذا دعاك أبوك فلا تجبه) ، وقال به مكحول، رواه الأوزاعى عنه، وقال العوام: سألت مجاهدًا عن الرجل تقام عليه الصلاة وتدعوه أمه أو والده، قال: يجيبهما. وفى كتاب البر والصلة، عن الحسن فى الرجل تقول له أمه: أفطر، قال: يفطر وليس عليه قضاء، وله أجر الصوم والبر، وإذا قالت له: لا تخرج إلى الصلاة، فليس لها فى هذا طاعة، هذه فريضة. فدل هذا أن قياس قوله إذا دعته فى الصلاة لا يجيبها، وأما مرسل ابن المنكدر فالفقهاء على خلافه، ولا أعلم به قائلاً غير مكحول، ويحتمل أن يكون معناه إذا دعته أمه فليجبها، يعنى بالتسبيح وبما أبيح للمصلى الاستجابة به، كما ذكر ابن حبيب، قال: من أتاه أبوه ليكلمه وهو فى نافلة فليخفف، وليسلم ويكلمه، وإذا نادته أمه فليبتدرها بالتسبيح، وليخفف وليسلم. وأما قول مجاهد: إذا أقميت عليه الصلاة ودعاه أبوه، أو أمه فليجبهما، فيحتمل أن يكون أمره بإجابتهما إذا كان الوقت متسعًا، ولم يدخل فى الصلاة، فتجتمع له إجابة أبويه وقضاء الصلاة فى وقتها. وقال المهلب: وفى حديث أبى هريرة دليل أنه من أخذ بالشدة فى أمور العبادات كان أفضل إذا علم من نفسه قوة على ذلك، لأن جريجًا رعى حق الله فى التزام الخشوع له فى صلاته، وفضله على الاستجابة لأمه، فعاقبه الله على ما ترك من الاستجابة لها بما ابتلاه به