من دعوة المرأة عليه، ثم أراه فضل ما آثره به من مناجاة ربه، والتزام الخشوع له، أن جعل له آية معجزة فى كلام الطفل، فخلصه بها من محنة دعوة أمه عليه. وفى هذا الحديث إجابة دعوة الوالدة فى السراء والضراء. وقوله:(اللهم أمى وصلاتى) ، إنما سأله أن يلقى فى قلبه الأفضل، ويحمله على أولى الأمرين به، فحمله على التزام مراعاة حق الله على حق أمه، وقد يمكن أن يكون جريج نبيًا، لأنه كان فى زمن يمكن فيه النبوة. فإن قال قائل: يحتمل أن يكون حديث أبى سعيد بن المعلى قبل تحريم الكلام فى الصلاة كما قلت، فكيف جاز له ترك مجاوبة النبى (صلى الله عليه وسلم) إذا كان الكلام مباحًا؟ قيل: يمكن أن يتأول أبو سعيد قوله: (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)[الأنفال: ٢٥] إذا كنتم فى غير الصلاة، فعذره النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، بذلك حين رأى التزام السكوت فى الصلاة تعظيمًا لشأنها، كما تأول أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) يوم الحديبية حين أمرهم بالحلاق ألا يحلقوا لَمَّا لَمْ يبلغ الهدى محله. فإن قيل: فيحتمل أن يدعوه الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى وقت تحريم الكلام فى الصلاة، قيل: نعم، يحتمل ذلك وتكون استجابته له بالتسبيح فيوجز فى صلاته، فتجتمع طاعة الله بإتمام الصلاة، وطاعة الرسول بالاستجابة له. وأظهر التأويلين أن يدعوه النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، وقت إباحة الكلام فى الصلاة، وقد احتج قوم من أهل الظاهر بحديث أبى سعيد بن المعلى، وزعموا أن كلام الرسول (صلى الله عليه وسلم) يوم ذى اليدين خصوص له، وقالوا: لا يجوز لأحدٍ أن يفعل ذلك بعد النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، لأن الله تعالى قال: (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم (