للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشغله عن إخلاص فكره فى صلاته لله تعالى، ويصالحه على ذلك بتذكيره بما فقده من ماله، ليلهيه عن صلاته استدلالا بهذا الحديث، فعجب جلساؤه لجودة انتزاعه لهذا المعنى الغامض من هذا الحديث. وقول الرجل لأبى هريرة: (لا أدرى ما قرأ رسول الله) ، يدل أنه كان مفكرًا فى صلاته، فلذلك لم يدر ما قرأ به النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، وقول أبى هريرة: (يقول الناس: أكثر أبو هريرة) ، ففيه أنه أكثر من يعلم، وكان حافظًا له ضابطًا، لأن الإكثار ليس بعيب، وإنما يكون عيبًا فيه إذا خشى قلة الضبط، فقد يكون من الناس غير مكثر من العلم ولا ضابط له مثل هذا الرجل الذى لم يحفظ ما قرأ به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى العتمة. وفيه: أنه يجوز أن يُنفى فعل الشىء عمن لم يحكمه، لأن أبا هريرة قال للرجل: لم تشهدها، يريد شهودًا تامًا، فقال الرجل: بلى شهدتها، كما يقال للصانع إذا لم يحسن صنعته: ما صنعت شيئًا، يريدون الإتقان، وللمتكلم: ما قلت شيئًا، إذا لم يعلم ما يقول. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ، و (لا صلاة لجار المسجد إلا فى المسجد) ، يريد لا صلاة تامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>