ويزيد عليه إظهاره فى مطعمه وملبسه، ومنهم من يكون حاله فى حال المصيبة، وقبلها سواء، فأيهم المستحق اسم الصبر؟ . قيل: قد اختلف السلف قبلنا فى ذلك، فقال بعضهم: المستحق اسم الصبر الذى يكون فى حال المصيبة مثله قبلها، ولا يظهر عليه خرم فى جارحة ولا لسان. قال غيره: كما زعمت الصوفية، أن الولىَّ لا تقم له الولاية إلا إذا تم له الرضا بالقدر ولا يحزن على شىء. والناس فى هذا الحال مختلفون، فمنهم من طبعه الجَلَد وقلة المبالاة بالمصائب، ومنهم من هو بخلاف ذلك، فالذى يكون فى طبعه الجزع، ويملك نفسه، ويستشعر الصبر أعظم أجرًا من الذى الجَلَد طبعه، والله أعلم. قال الطبرى: كما روى عن ابن مسعود أنه لما نعى إليه أخوه عتبة، قال: لقد كان من أعز الناس علىَّ، وما يسرنى أنه بين أظهركم الآن حيا، قالوا: وكيف وهو من أعز الناس عليك؟ قال: إنى لأؤجر فيه أحب إلىَّ من أن يؤجر فىَّ. وقال ثابت: إن صلة بن أشيم مات أخوه فجاءه رجل، وهو يطعم، فقال: يا أبا الصبهاء، إن أخاك مات. قال: هلم فكل قد نُعى إلينا إِذَنْ فَكُلْ. قال: والله ما سبقنى إليك أحدٌ ممن نعاه. قال: بقول الله: (إنك ميت وإنهم ميتون)[الزمر: ٣٠] . وقال الشعبى: كان شريح يدفن جنائزه ليلاً يغتنم ذلك، فيأتيه الرجل حين يصبح فيسأله عن المريض، فيقول: هدأ، لله الشكر، وأرجو أن يكون مستريحًا. أخذه من قصة أم سليم. وكان ابن سيرين