للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون عند المصيبة كما هو قبلها، يتحدث ويضحك إلا يوم ماتت حفصة، رحمها الله، فإنه جعل يكشر، وأنت تعرف فى وجهه. وسئل ربيعة: ما منتهى الصبر؟ قال: أن يكون يوم تصيبه المصيبة مثله قبل أن تصيبه. وقال آخرون: الصبر المحمود هو ترك العبد عند حدوث المكروه عليه وبثه للناس، ورضاه بقضاء ربه، وتسليمه لأمره، فأما حزن القلب، وحزن النفس، ودمع العين، فإن ذلك لا يُخرج العبد عن معانى الصابرين إذا لم يتجاوزه إلى ما لا يجوز له فعله، لأن نفوس بنى آدم مجبولة على الجزع على المصائب. قالوا: وقد مدح الله الصابرين، ووعدهم جزيل الثواب عليه، قالوا: وثواب الله عباده إنما هو على ما اكتسبوه من أعمال الخير دون ما لا صنع لهم فيه، وتغيير الأجساد عن هيئاتها، ونقلها عن طباعها التى جبلت عليه لا يقدر عليه إلا الذى أنشأها. والمحمود من الصبر هو ما أمر الله به، وليس فيما أمر به تغيير جبلة عما خلقت عليه، والذى أمر به عند نزول البلاء الرضا بقضائه، والتسليم لحكمه، وترك شكوى ربه، وكذلك فعل السلف. قال ربيعة بن كلثوم: دخلنا على الحسن، وهو يشكى ضرسه، فقال: رب مسنى الضر، وأنت أرحم الراحمين، وروى المقبرى عن أبى هريرة، عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أنه قال: (قال الله تعالى: إذا ابتليت عبدى المؤمن فلم يشتك إلى عُوَّاده أنشطته من عقال، وبدلته لحمًا خيرًا من لحمه، ودمًا خيرًا من دمه، ويستأنف العمل) . وقال طلحة بن مصرف: لا تشك ضرك ولا مصيبتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>