السلام -، مر عليه بجنازة وهم يسرعون بها، فقال:(لتكن عليكم السكينة) . وذكر ابن المنذر أنه مذهب ابن عباس. قال الطحاوى: فلم يكن عندنا فى هذا الحديث حجة على أهل المقالة الأولى، لأنه قد يجوز أن يكون فى مشيهم ذلك عنف مجاوز ما أمروا به فى حديث أبى هريرة من السرعة، فنظرنا فى ذلك هل نجد دليلاً على شىء من ذلك، فروى زائدة، عن ليث، عن أبى بردة، عن أبيه، قال: مر على النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، بجنازة يسرعون بها فى المشى، وهى تمخض مخض الزق، فقال:(عليكم بالقصد فى جنائزكم) . فيحتمل أن يكون أمرهم بالقصد، لأن تلك السرعة يخاف منها أن يكون من الميت فيها شىء، فنهاهم عن ذلك، وكان ما أمرهم به من السرعة فى الآثار الأول هى أفضل من هذه السرعة، فنظرنا فى ذلك أيضًا هل روى فيها شىء يدلنا على هذا المعنى، فحدثنا أبو أمية، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا الحسن بن صالح، عن يحيى الجابر، عن أبى ماجد، عن ابن مسعود، قال: سألنا نبينا، (صلى الله عليه وسلم) ، عن السير بالجنازة، فقال:(ما دون الخبب، فإن يك مؤمنًا فما عجل فخير، وإن يك كافرًا فبعدًا لأهل النار) . فأخبر رسول الله فى هذا الحديث أن السير بالجنازة هو ما دون الخبب، مثل ما أمر به من السرعة فى حديث أبى هريرة، هذا قول أبى حنيفة، وأبى يوسف، ومحمد. وهو قول جمهور العلماء. وروى عن النخعى أنه قال: انبسطوا بها، ولا تدبوا دبيب اليهود والنصارى.