وقال أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعى: المشى خلفها أفضل. وهو قول على بن أبى طالب، واحتجوا بما رواه أبو الأحوص، عن أبى فروة الهمدانى، عن زائدة بن خراش، عن ابن أبزى، عن أبيه، قال: كنت أمشى فى جنازة فيها أبو بكر، وعمر، وعلى، رضى الله عنهم، فكان أبو بكر، وعمر يمشيان أمامها، وكان على يمشى خلفها، فقال على: إن فضل الذى يمشى خلف الجنازة على الذى يمشى أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وإنهما ليعلمان من ذلك مثل الذى أعلم، ولكنهما سهلان يسهلان على الناس. قالوا: ومثل هذا لا يقال بالرأى، وإنما يقال بما وقفهم عليه النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، قالوا: وقد روى عن ابن عمر مثل هذا، روى أبو اليمان، حدثنا أبو بكر بن أبى مريم، عن راشد بن سعد، عن نافع، قال: خرج عبد الله بن عمر إلى جنازة فرأى معها نساء، فوقف، ثم قال: ردهن فإنهن فتنة الحى والميت، ثم مضى فمشى خلفها، قلت: يا أبا عبد الرحمن، كيف المشى فى الجنازة، أمامها أم خلفها؟ فقال: أما ترانى أمشى خلفها. فهذا ابن عمر يفعل هذا، وهو الذى يروى عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أنه كان يمشى أمامها، فدل ذلك أن رسول الله كان يفعله على جهة التخفيف على الناس، لا لأن ذلك أفضل من غيره. وقد روى مغيرة، عن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون السير أمام الجنازة، وتأولوا فى تقديم عمر بن الخطاب للناس فى جنازة زينب زوج النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أمام الجنازة أن ذلك كان من أجل النساء اللاتى كُنَّ خلفها، فكره عمر للرجال مخالطتهن، لا لأن المشى أمامها أفضل.