للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ) ، فَقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ؟ قَالَ: (وَثَلاثَةٌ) ، فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: (وَاثْنَانِ) ، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ. قال أبو جعفر الداودى: معنى هذا الحديث عند الفقهاء إذا أثنى عليه أهل الفضل والصدق، لأن الفسقة قد يثنون على الفاسق، فلا يدخلون فى معنى هذا الحديث، والمراد، والله أعلم، إذا كان الثناء بالشرِّ ممن ليس له بعدو، لأنه قد يكون للرجل الصالح العدو، فإذا مات عدوه ذَكَر عند ذلك الرجل الصالح شرًا، فلا يدخل الميت فى معنى هذا، لأن شهادته كانت لا تجوز عليه فى الدنيا، وإن كان عدلاً، للعداوة، والبشرُ غير معصومين. قال عبد الواحد: إن قال قائل: حديث أنس يعارضه قوله (صلى الله عليه وسلم) فى باب ما ينهى عنه من سب الأموات: (لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) . قيل له: حديث أنس هذا يجرى مجرى الغيبة فى الأحياء، فإن كان الرجل أغلب أحواله الخير، وقد تكون منه الفلتة، فالاغتياب له محرم، وإن كان فاسقًا معلنًا فلا غيبة فيه. فكذلك الميت إذا كان أغلب أحواله الخير لم يجز ذكر ما فيه من شر ولا سبه به، وإن كان أغلب أحواله الشر فيباح ذكره منه، وليس ذلك مما نهى عنه من سب الأموات، ويؤيد ذلك ما أجمع عليه أهل العلم من ذكر الكذابين وتجريح المجرَّحين. وفيه وجه آخر: وهو أن حديث: (لا تسبوا الأموات) عام، وسببه ما روى عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (أمسكوا عن ذى قبر) ، فيحتمل أن يكون (صلى الله عليه وسلم) أباح ذكر الميت بما فيه من غالب الشر عند موته

<<  <  ج: ص:  >  >>