قال عليه السلام: إنهم ليعلمون الآن ما كنت أقول لهم الحق. قالوا: فخبر عائشة بين ما قلنا من تأويل قوله (صلى الله عليه وسلم) : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم. أنه يراد به ما أنتم بأعلم لا أنه خبر عن أنهم يسمعون أصوات بنى آدم وكلامهم، قالوا: ولو كانوا يسمعون كلام الناس وهم موتى، لم يكن لقوله:(إنك لا تسمع الموتى)[النمل: ٨٠] ) وما أنت بمسمع من فى القبور) [فاطر: ٢٢] معنى. قال الطبرى: والصواب من القول فى ذلك أن كلا الروايتين عن النبى فى ذلك صحيح لعدالة نقلتها، والواجب الإيمان بها، والإقرار بأن الله يُسمع من يشاء من خلقه بعد موتهم، ما شاء من كلام خلقه، ويُفهم ما يشاء منهم ما يشاء، ويُنعِّم من أحب منهم، ويعذب فى قبره الكافر، ومن استحق العذاب كيف أراد، على ما صحت به الأخبار عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) . وليس فى قوله:(إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور)[فاطر: ٢٢] ، حجة فى دفع ما صحت به الآثار من قوله لأصحابه فى أهل القليب:(ما أنتم بأسمع منهم) ، ولا فى إنكار من أنكر ما ثبت من قوله:(إنه ليسمع قرع نعالهم) إذا كان قوله: (وما أنت بمسمع من فى القبور)[فاطر: ٢٢] ، و) إنك لا تسمع الموتى) [النمل: ٨٠] محتملاً من التأويل وجهًا سوى ما تأوله من زعم أن الميت لا يسمع كلام الأحياء، وذلك أن يكون معناه: فإنك لا تسمع الموتى بطاقتك وقدرتك، إذ كان خالق السمع غيرك، ولكن الله هو الذى يُسمعهم.