وذلك نظير قوله:(وما أنت بهاد العمى عن ضلاتهم)[النمل: ٨١] وذلك بالتوفيق والهداية بيد الله دون من سواه، فنفى عن نبيه أن يكون قادرًا أن يسمع الموتى إلا بمشيئة، كما نفى أن يكون قادرًا على هداية الضلال إلا بمشيئته، وإنما أنت نذير، فبلغ ما أُرسلت به. والثانى: أن يكون المعنى: فإنك لا تسمع الموتى إسماعًا ينتفعون به، لأنهم قد انقطعت عنهم الأعمال، وخرجوا من دار العمل إلى دار الجزاء، فلا ينفعهم دعاؤك إياهم إلى الإيمان بالله وبطاعته، فكذلك هؤلاء الذين كتب عليهم ربك أنهم لا يؤمنون، لا يسمعهم دعاؤك إياهم إسماعًا ينتفعون به، لأن الله قد حتم عليهم ألا يؤمنوا، كما حتم على أهل القبور من أهل الكفر أنهم لا ينفعهم بعد كونهم فى القبور عمل، لأن الآخرة ليست بدار امتحان، وإنما هى دار جزاء. وكذلك قوله:(إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور)[فاطر: ٢٢] الجهال، يريد أنك لا تقدر على إفهام من جعله الله جاهلاً، ولا تقدر على إسماع من جعله الله أصم عن الهدى، وفى صدر الآية ما يدل على هذا، لأنه قال:(وما يستوى الأعمى والبصير)[فاطر: ١٩] يعنى بالأعمى: الكافر، والبصير: المؤمن) ولا الظلمات ولا النور) [فاطر: ٢٠] يعنى بالظلمات: الكفر، والنور: الإيمان،) ولا الظل ولا الحرور) [فاطر: ٢١] يعنى بالظل: الجنة، وبالحرور: النار،) وما يستوى الأحياء ولا الأموات) [فاطر: ٢٢] يعنى بالأحياء: العقلاء، وبالأموات: الجهال، ثم قال: (إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور (يعنى: إنك لا تسمع الجهال الذين كأنهم