وقد اختلف العلماء فى أطفال المشركين، فقال أكثرهم: هم فى المشيئة، وتأولوا فى قوله تعالى:(إلا أصحاب اليمين)[المدثر: ٣٩] ، قال: هم أطفال المؤمنين، وقيل: هم أصحاب الملائكة، وقال آخرون: حكم الأطفال حكم آبائهم فى الدنيا والآخرة، وهم مؤمنون بإيمانهم، وكافرون بكفرهم، واحتجوا بقوله (صلى الله عليه وسلم) فى أطفال المشركين يصابون فى الحرب: (هم من آبائهم) . وقال آخرون: أولاد الكفار يمتحنون فى الآخرة. وقال آخرون: أولاد المشركين فى الجنة مع أولاد المسلمين، واحتجوا بحديث سمرة ابن جندب، ذكره البخارى فى كتاب التعبير:(وأما الرجل الطويل الذى فى الروضة فإنه إبراهيم، وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة، قال بعض المسلمين: يا رسول الله، فأولاد المشركين؟ فقال رسول الله: وأولاد المشركين) . وهذه الحجة قاطعة، وهذه الرواية يفسرها ما جاء فى حديث هذا الباب أن الشيخ إبراهيم والصبيان حوله أولاد الناس، لأن هذا اللفظ يقتضى عمومه لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم، وهذا القول أصح ما فى هذا الباب من طريق الآثار وصحيح الاعتبار. فإن قيل: فإذا صح هذا القول فى أطفال المشركين، فما معنى قوله:(الله أعلم بما كانوا عاملين؟) وهذا يعارض حديث سمرة الذى بيَّن فيه حكمهم، أنهم فى الجنة مع أولاد المسلمين. قيل: هذا يحتمل وجوهًا من التأويل: أحدها: أن يكون قوله: (الله أعلم بما كانوا عاملين) ، قيل: أن يعلمه الله أنهم فى الجنة مع أولاد المسلمين، لأنه لم يكن ينطق عن الهوى، وإنما ينطق عن الوحى. ويحتمل قوله:(الله أعلم بما كانوا عاملين) أى على أى دين