للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسكينة عليك بالسكينة) قالوا: وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : (اللهم أحينى مسكينًا، وأمتنى مسكينًا، واحشرنى فى زمرة المساكين) وتعوذ بالله من الفقر، فعلم أنه أسوأ حالا وأشد من المسكنة. وقد قالت طائفة من السلف: الفقير الذى لا يسأل، والمسكين الذى يسأل، روى هذا عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد، والزهرى، وروى عن على بن زياد عن مالك أنه قال: الفقير الذى لا غنى له ويتعفف عن المسألة، والمسكين الذى لا غنى له ويسأل. واختلفوا أيضًا كم الغنى الذى لا يجوز لصاحبه أخذ الصدقة، وتحرم عليه المسألة؟ فقال بعضهم: هو بوجود المرء قوت يومه لغدائه وعشائه، وهذا قول بعض المتصوفة الذين زعموا أنه ليس لأحد ادخار شىء لغد، قولهم مردود بما ثبت عن النبى وأصحابه أنهم كانوا يدخرون. وقال آخرون: لا تجوز المسألة إلا عند الضرورة، وأحلوا ذلك محل الميتة للمضطر، وقال آخرون: لا تحل المسألة بكل حال، واحتجوا بما روى عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال لأبى ذر: (لا تسأل الناس شيئًا) وجعلوا ذلك نهيًا عامًا عن كل مسألة، وبما رواه ابن أبى ذئب عن محمد بن قيس، عن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، عن ثوبان مولى رسول الله أنه قال (صلى الله عليه وسلم) : (من تكفل لى بواحدة تكفلت له بالجنة) ، قال ثوبان: أنا، قال: (لا تسأل الناس شيئًا، فكان سوطه يقع فما يقول لأحد ناولنيه فينزل فيأخذه) . وقال قيس بن عاصم لبنيه: إياكم والمسألة فإنها آخر كسب المرء، فإن أحدًا لن يسأل إلا ترك كسبه. وقالت طائفة: لا يأخذ الصدقة

<<  <  ج: ص:  >  >>