للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدلا أوجبه على كل من حيل بينه وبين الصيام وهو الفدية، كما جعل التيمم بدلا من الطهور واجبًا على كل من أعوزه الماء، وكما جعل الإيماء بدلا من الركوع والسجود لمن لا يقدر عليهما، ولم يجعل من الزكاة والحج بدلا لمن لا يقدر عليهما، وإلى هذا ذهب الكوفيون، والأوزاعى، والشافعى. وأما الفرقة الرابعة: فالحوامل والمراضع، وفيهن اختلف الناس قديمًا وحديثًا، فقال بعض العلماء: إذا ضعفن عن الصيام وخافت على نفسها وولدها أفطرت وأطعمت عن كل يوم مسكينًا، فإذا فطمت ولدها قضته، وهو قول مجاهد، وبه قال الشافعى وأحمد، وقال آخرون: عليهما الإطعام ولا قضاء، وهو قول ابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن جبير، وقال آخرون: عليهما القضاء ولا إطعام عليهما، وجعلوهما بمنزلة المريض، وهو قول عطاء، والنخعى، والحسن، والزهرى، وربيعة، والأوزاعى، وأبى حنيفة، والثورى، وروى ابن عبد الحكم عن مالك مثله، ذكره ابن القصار، وهو قول أشهب، وفرقة رابعة فرقت بين الحبلى، والمرضع فقال فى الحبلى: هى بمنزلة المريض تفطر وتقضى ولا إطعام عليها، والمرضع تفطر وتطعم وتقضى، هذا قول مالك فى المدونة، وهو قول الليث. قال أبو عبيد: وكل هؤلاء إنما تأولوا قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ (فمن أوجب القضاء والإطعام معًا ذهب إلى أن الله حكم فى تارك الصوم من عذر بحكمين، فجعل الفدية فى آية والقضاء فى أخرى، فلما لم يجد ذكر الحامل والمرضع مسمى فى واحدة منهما جمعهما جميعًا عليهما احتياطًا لهما وأخذًا

<<  <  ج: ص:  >  >>