بالثقة، وأما الذين رأوا أن يطعما ولا يقضيا فإنهم أرادوا أنهما ليستا من السفر ولا من المرضى الذين فرهم القضاء، ولكنهما ممن كلف الصيام وطوقه وليس بمطيق، فهم من أهل الفدية لا يلزمهم سواها لقوله تعالى:(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)[البقرة: ٢٤٨] ، وهى قراءة ابن عباس وفتياه، وقد يجوز هذا القول على قراءة من قرأ:(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ (أى يطيقونه بجهد ومشقة، ويكون معنى القراءتين واحدًا. قاله غير أبى عبيد. وأما الذين أوجبوا عليهما القضاء بلا طعام ذهبوا إلى أن الحمل والرضاع علتان من العلل، لأنه يخاف فيهما من التلف على الأنفس ما يخاف من المرض، قال أبو عبيد، وقد وجدنا شاهدًا لهذا القول ودليلا عليه، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أيوب، قال: حدثنى أبو قلابة، عن أنس بن مالك قال: (أتيت النبى، عليه السلام، فى إبل لجار لى، أخذت، فوافقته يأكل فدعانى إلى طعامه فقلت: إنى صائم، قال: ادن أخبرك عن ذلك، إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع) ، قال أبو عبيد: فقرن رسول الله الحامل والمرضع بالمسافر، وجعلهما معًا فى معنى واحد، فصار حكمهما كحكمه، فهل على المسافر إلا القضاء لا يعدوه إلى غيره.