جائز فى اللغة أن يسمى الشىء بما يئول إليه، قال تعالى:(إِنِّى أَرَانِى أَعْصِرُ خَمْرًا)[يوسف: ٣٦] ، وإنما يعصر العنب لا الخمر. ووجه استباحة القتل لا يعلمهُ إلا الله تعالى ولله أن يميت من شاء من خلقه قبل البلوغ وبعده، ولا فرق بين قتله وموته، كل ذلك لا اعتراض عليه فيه، لا يُسأل عما يفعل. قال المؤلف: وفى قصة الخضر أصل عظيم من أصول الدين، وذلك أن ما تعبَّدَ الله به خلقه من شريعته ودينه، يجب أن يكون حجة على العقول، ولا تكون العقول حجةً عليه، ألا ترى أن إنكار موسى على الخضر خرق السفينة، وقتل الغلام، كان صوابًا فى الظاهر، وكان موسى غير ملوم فى ذلك، فلما بَيَّن الخضر وجه ذلك ومعناه، صار الصواب الذى ظهر لموسى من إنكاره خطأ، وصار الخطأ الذى ظهر لموسى من فعل الخضر صوابًا، وهذا حجةٌ قاطعة فى أنه يجب التسليم لله فى دينه، ولرسوله فى سنته، وبيانه لكتاب ربه، واتهام العقول إذا قصرت عن إدراك وجه الحكمة فى شىء من ذلك، فإن ذلك محنة من الله لعباده، واختبار لهم ليتم البلوى عليهم. ولمخالفة هذا ضل أهل البدع حين حكموا عقولهم وَرَدُّوا إليها ما جهلوه من معانى القدر وشبهه، وهذا خطأ منهم، لأن عقول العباد لها نهاية، وعلم الله لا نهاية له، قال الله عز وجل:(وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَىْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء)[البقرة: ٢٥٥] ، فما أخفاه عنهم فهو سِرُّ الله الذى استأثر به، فلا يحل تعاطيه، ولا يُكلَّف طلبه، فإن المصلحة للعباد فى إخفائه منهم، والحكمة فى طَيَّه عنهم إلى يوم تُبلى السرائر، والله هو