الحكيم العليم، قال تعالى:(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ)[المؤمنون: ٧١] . وقوله:(وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى)[الكهف: ٨٢] يدل أنه فعله بوحى من الله بذلك إليه، ويشهد لهذا وجوهٌ من نفس القصة، منها: أنه لا يجوز لأحدٍ أن يقتل نفسًا لما يتوقع وقوعه منها بعد حين مما يوجب عليها القتل، لأن الحدود لا تجب إلا بعد وقوعها. وأيضًا فإنه لا يقطع على فعل أحد قبل بلوغه، ولا يعلمه إلا الله، لأن ذلك إخبار عن الغيب. وكذلك الإخبار عن أخذ الملك السفينة غصبًا، والإخبار أيضًا عن بنيانه الجدار من أجل الكنز الذى تحته ليكون سببًا إلى استخراج الغلامين له إذا احتاجا إليه مراعاة لصلاح أبيهما، وهذا كله لا يدرك إلا بوحى من الله تعالى. وفى هذا الحديث: أن الخضر أقام الجدار بيده، وفى كتاب الأنبياء، قال سفيان: فأومأ بيده، وهذه آية عظيمة لا يقدر الناس على مثلها، وهى تشبه آية الأنبياء. وهذا كله حجة لمن قال بنبوة الخضر. وذكر الطبرى عن ابن عباس، قال: فكان قول موسى فى الجدار لنفسه، ولطلب شىء من الدنيا، وكان قوله فى السفينة والغلام لله. قال المهلب: وهو حجة لمن قال بنبوة الخضر.