جوزه النبى، عليه السلام، وجعله أفقه منه، واحتج ابن عباس لذلك فقال:(مثل ذلك كمثل رجل طاف سبعًا ثم قطعه فلم يوفه، فله ما احتسب، أو صلى ركعة ثم انصرف ولم يصل أخرى، فله ما احتسب، أو ذهب بمال يتصدق به فرجع ولم يتصدق، أو تصدق ببعضه وأمسك بعضًا) ، فكره ابن عمر ذلك وقال:(المفطر متعمدًا فى صوم التطوع ذلك اللاعب بدينه) ، وكره النخعى، والحسن البصرى، ومكحول الفطر فى التطوع، وقالوا: يقضيه، وذكر ابن القصار عن مالك أمنه من أفطر فى التطوع لغير عذر فعليه القضاء، وإن أفطره لعذر فلا قضاء عليه، وقال أ [وحنيفة وأصحابه: عليه القضاء وإن أفطر لعذر. واحتج مالك لمذهبه بما رواه فى (الموطأ) ، عن ابن شهاب أن عائشة، وحفصة زوجى النبى، عليه السلام، أصبحتا صائمتين متطوعتين، فأهدى لهما طعام، فأفطرتا عليه، فدخل عليهما رسول الله فأخبرتاه بذلك فقال رسول الله:(اقضيا مكانه يومًا آخر) . فكان معنى هذا الحديث عند مالك أنهما أفطرتا بغير عذر، فلذلك أمرهما بالقضاء، ومن حجته أيضًا قوله تعالى:(وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)[محمد: ٣٣] ، ومن أفطر متعمدًا بعد دخوله فى الصوم فقد أبطل عمله، وقوله تعالى:(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ)[البقرة: ١٩٦] ، وأجمع المسلمون أن المفسد لحجة التطوع وعمرته أن عليه القضاء، فالقياس على هذا الإجماع يوجب القضاء على مفسد صومه عامدًا، فإن قيل: فقد روى عن النبى، عليه السلام، أنه قال:(اقضيا إن شئتما يومًا مكانه) قيل: لا يصح، ولو صح لكان معناه أنهما أفطرتا لعذر، فقال لهما:(اقضيا إن شئتما) . وأفطرتا فى حال أخرى لغير