عذر، فأمرهما بالقضاء حتى لا تتنافى الأحاديث، عن ابن القصار. ومن حجة أبى حنيفة ظاهر حديث مالك أن النبى، عليه السلام، قال لعائشة وحفصة:(اقضيا يومًا مكانه) ، ولم يشترط ذلك لعذر ولا غيره، فدل أنه موجب للقضاء فى جميع الأحوال. قال الطحاوى: والنظر فى ذلك أنا رأينا أشياء تجب على العباد بإيجابهم لها على أنفسهم، منها الصلاة والصدقة والحج والعمرة والصيام، فكان من أوجب شيئًا من ذلك على نفسه فقال: لله علىّ كذا، وجب الوفاء عليه بذلك، وكان من دخل فى حج أو عمرة تطوعًا ثم أراد الخروج منهما لم يكن له ذلك، وكان بدخوله فيهما فى حكم من قال: لله علىّ حج أو عمرة، فعليه الوفاء بهما، وإن خرج منهما بعذر أو بغير عذر فعليه قضاؤهما، والصلاة والصيام فى النظر كذلك. قال المهلب: وفى حديث أبى جحيفة حُجة لمالك أن من أفطر لعذر أنه لا قضاء عليه، لأن فطر أبى الدرداء إنما كان لوجه من أوجه الاجتهاد فى السنة وسلوك السبيل الوسطى، ولم يكن إفطاره منتهكًا ولا متهاونًا فيجب عليه القضاء، وإنما يجب القضاء على من أفطر متهاونًا بحرمة الصيام لغير عذر ولا وجه من أوجه الصواب. ألا ترى أن ابن عمر لم يجد ما يصفه به إلا أن قال: ذلك المتلاعب بدينه، فإذا لم يكن متلاعبًا وكان لإفطاره وجه لم يكن عليه قضاء، وفيه النهى عن التعمق والغلو فى العبادة. واحتج الشافعى على من احتج عليه بالإجماع فى الحج التطوع والعمرة أنه ليس لأحد الخروج منهما، ومن خرج منهما قضاهما، فإن الصيام قياس على ذلك، فقال: الفرق بين ذلك أن من أفسد