مكة حلالا) ؛ فدل هذا على أن أهل قديد كأهل مكة، وقد روى عن ابن عباس خلاف هذا، وروى عنه عطاء أنه كان يقول: لا يدخل أحد مكة إلا محرمًا، وقال ابن عباس:(لا عمرة على المكى إلا أن يخرج من الحرم فلا يدخله إلا حرامًا وإن خرج قريبًا من مكة) ، فهذا ابن عباس قد منع الناس جميعًا من دخول مكة بغير إحرام، فدل هذا أن من كان غير أهل مكة فهو عنده مخالف لحكم أهل مكة، ويدل على صحة هذا المعنى قوله عليه السلام:(إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، ولم تحل لأحد قبلى، ولم تحل لى إلا ساعة من نهار) . أو لا ترى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قصد بالحرمة إلى مكة دون ما سواها، فدل ذلك أن سائر الناس سوى أهلها فى حرمة دخولهم إياها سواء، فثبت بذلك قول ابن عباس، وفى ثبوت ذلك ما يجب به أن حاضرى المسجد الحرام هم أهل مكة خاصة، كما قال نافع والأعرج، لا كما قال أبو حنيفة وأصحابه. قال إسماعيل بن إسحاق: ومن الحجة لمالك أن حاضرى المسجد الحرام أهل القرية التى فيها المسجد الحرام خاصة، وليس أهل الحرم كذلك؛ لأنه لو كان كذلك لما جاز لأهل مكة إذا أرادوا سفرًا أن يقصروا الصلاة حتى يخرجوا عن الحرم كله، فلما جاز لهم قصر الصلاة إذا خرجوا عن بيوت مكة، دل ذلك على أن حاضرى المسجد الحرام هم اهل مكة دون الحرم، قاله الأبهرى. قال إسماعيل: وأما قول من قال: من كان أهله دون المواقيت، فإن المواقيت ليس من هذا الباب فى شئ؛ لأنها لم تجعل للناس؛ لأنها حاضرة المسجد؛ ألا ترى أن بعض المواقيت بينها وبين مكة مسيرة