للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمان ليال، وبين بعضها وبين مكة مسيرة ليلتين، فيكون من كان دون ذى الحليفة إلى مكة من حاضرى المسجد الحرام وبينه وبين مكة ثمان ليال، ومن كان منزله من وراء قرن مما يلى نجد ألا يكون من حاضرى المسجد الحرام، وإنما بينه وبين مكة مسيرة ليلتين وبعض أخرى، وإنما الحاضر للشىء من كان معه، فكيف يجعل من هو أبعد حاضرًا ومن هو أقرب ليس بحاضرٍ؟ ودليل آخر: وهو قوله تعالى: (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْىَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) [الفتح: ٢٥] فهذا يدل أنه المسجد الحرام نفسه، وإنما صد المشركون النبى (صلى الله عليه وسلم) عن المسجد وعن البيت، فأما الحرم فقد كان غير ممنوع منه؛ لأن الحديبية تلى الحرم، وهذا قاطع لطاوس ومجاهد. قال المؤلف: وأما قول ابن عباس فى التمتع: (فإن الله أنزله فى كتابه وسنة نبيه، وأباحه للناس غير أهل مكة) فإن مذهبه أن أهل مكة لا متعة لهم، وذلك والله أعلم لأن العمرة لابد فى الإحرام بها من الخروج إلى الحل، ومن كان من أهل مكة فهى داره لا يمكنه الخروج منها، وهى ميقاته فى الإحرام بالحج، وقد صرح بذلك ابن عباس فقال: (يا أهل مكة، لا متعة لكم، إنما يجعل أحدكم بينه وبين مكة بطن واد، ويُهِلُّ) . وهذا مذهب أبى حنيفة وأصحابه، قالوا: ليس لأهل مكة تمتع ولا قران، فإن فعلوا فعليهم الدم، وأوجب ابن الماجشون الدم للقران ولم يوجبه للتمتع، واعتل ابن الماجشون بأن القارن قارن من حيثما حج، والمتمتع إنما هو المعتمر من بلده فى أشهر الحج المقيم

<<  <  ج: ص:  >  >>