نَزَلَتْ فِى الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا فِى الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْجَاهِلِيَّةِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ، ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِى الإسْلامِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ. قال المؤلف: ذكر إسماعيل بن إسحاق عن الشعبى قال: كان على الصفا وثن يقال له: (يساف) ، وعلى المروة وثن يقال له:(نائلة) ، فكان المشركون يطوفون بينهما، فلما كان الإسلام قال ناس:(يا رسول الله، إن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بين الصفا والمروة للوثنين الذين كان عليهما، وليسا من شعائر الله. فنزلت هذه الآية) . واختلف العلماء فى وجوب السعى بين الصفا والمروة، فروى عن ابن مسعود، وأُبى بن كعب، وابن عباس أنه غير واجب، وقال أنس ابن مالك وابن الزبير: هو تطوع. وروى مثله عن ابن سيرين، وقال الثورى والكوفيون: هو واجب إلا أنه ينوب عند الدم. وروى مثله عن عطاء والحسن وقتادة، وقالت عائشة: هو فرض. وبه قال مالك والشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور، ويأمرون من بقى عليه منه شىء بالرجوع إليه من بلده، فإن كان وطأ النساء قبل أن يرجع كان عليه إتمام حجه أو عمرته، وحج قابل والهدى. واحتج من لم يره واجبًا بقراءة من قرأ:(فلا جناح عليه ألا يطوف بهما) قالوا: فعلى هذه القراءة لا جناح عليه فى ترك السعى كما قالت عائشة: واحتج بعض أهل هذه المقالة أيضًا بقراءة الجماعة