قال الطحاوى: وقد يجوز أن يرجع معنى القراءتين جميعًا إلى معنى واحد؛ لأن العرب قد تصل ب (لا) وتزيدها كقوله تعالى: (لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)[القيامة: ١، ٢] ، وكقوله:(فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ)[الواقعة: ٧٥] ، و) فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) [المعارج: ٤٠] فى معنى أقسم بيوم القيامة، وأقسم بكل ما ذكر، و) مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ) [الأعراف: ١٢] أى: ما منعك أن تسجد، فيحتمل قول عائشة لعروة: كلا لو كانت كما تقول لكانت: (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما) على معنى الصلة التى يرجع بها إلى معنى قوله: (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)[البقرة: ١٥٨] وفى حديث عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سَنَّ الطواف بينهما، وأن قوله:(فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا (إنما هو على إباحة الطواف بينهما الذى كانوا يتحرجونه، ثم سَنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الطواف بينهما، فصار من سنته التى ليس لأحد التخلف عنها مع ما تقدم من قوله تعالى فيهما أن جعلهما من شعائره، والشعائر: العلامات، وقد قال تعالى:(وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: ٣٢] . وقال عليه السلام حين طاف بهما:(نبدأ بما بدأ الله به) . وقال:(خذوا عنى مناسككم، لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا) . وطاف بينهما، ودل حديث حماد بن سلمة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت:(ما تمت حجة أحد ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة) أن ذلك مما لا يكون مأخوذًا من جهة الرأى، وإنما