قال المؤلف: معنى هذا الباب كالذى قبله، وفيه بيان صفة السعى وأنه شىء معمول به غير مرخَّص فيه؛ ألا ترى أن ابن عمر حين ذكره قال:(وقد كان لكم فى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة) وذكر ابن عباس فى حديث هذا الباب علة السعى فى الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، وأن النبى عليه السلام فعله لُيِرىَ المشركين قوته؛ لأنهم قالوا: إن حُمَّى يثرب أنهكتهم، فكان عليه السلام يرمل فى طوافه بالبيت مقابل المسجد ومقابل السوق موضع جلوسهم وأنديتهم، فإذا توارى عنهم مشى، ذكره أهل السير، وقد ذكرته فى باب: كيف كان بدء الرَّمَل، فالسنة التزام الخبّ فى الثلاثة أشواط فى الطواف بالبيت، تبركًا بفعله عليه السلام وسنته، وإن كانت العلة قد ارتفعت فذلك من تعظيم شعائر الله. وقد ذكر البخارى فى (كتاب الأنبياء) عن ابن عباس علّة أخرى للسعى والهرولة بين الصفا والمروة؛ فقال ابن عباس:(انطلقت أم إسماعيل إلى الصفا فوجدته أقرب جبل فى الأرض إليها، فقامت عليه تنظر هل ترى أحدًا، فلم تر، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادى رفعت طرف درعها، فسعت سعى المجهود حتى جاوزت الوادى، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا، فلم تره، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس: قال النبى عليه السلام: (فلذلك سعى الناس بينهما) . فبيّن فى هذا الحديث أن سبب كونها سبعة أطواف، وسبب السعى فيها فعل أم إسماعيل عليهم السلام ذلك. وذكر ابن أبى شيبة قال: حدثنا عبد العلى، عن الجريرى، عن أبى الطفيل قال: قلت لابن عباس: (ألا تحدثنى عن الطواف راكبًا