بين الصفا والمروة، فإنهم يزعمون أنه سنة. فقال: صدقوا وكذبوا، فقلت: وما صدقوا وكذبوا؟ قال: صدقوا، إن الطواف بين الصفا والمروة سنة، وكذبوا فى أن الركوب فيه سنة، أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الصفا والمروة فلما سمع به أهل مكة خرجوا ينظرون إليه، حتى خرجت العواتق، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يدفع أحَدًا عنه، فأكبُّوا عليه، فلما رأى ذلك دعا براحلته فركب ثم طاف على بعيره ليسمعوا كلامه، ولا تناله أيديهم، ويروا مكانه) . واختلفوا فى ذلك، فكانت عائشة تكره السعى بينهما راكبًا، وكرهه عروة بين الزبير، وهو قول أحمد وإسحاق، وقال أبو ثور: لا يجزئه وعليه أن يعيد. وقال الكوفيون: إن كان بمكة أعاد ولا دَمَ عليه، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم. ورخصت فيه طائفة، روى عن أنس بن مالك أنه طاف على حمار، وعن عطاء ومجاهد مثله. وقال الشافعى: يجزئه ولا إعادة عليه إن فعل، وحجة من أجاز ذلك فعل النبى عليه السلام وحجة من كرهه أنه ينبغى امتثال فعل أم إسماعيل فى ذلك، وأن ركوب النبى عليه السلام راحلته فيه كان للعلة التى ذكرها ابن عباس فى الحديث. قال الطحاوى: وأما قول أنس: إنهم كانوا يكرهون الطواف بهما لأنهما من شعائر الجاهلية حتى نزلت الآية، فقد كان ما سواهما من الوقوف بعرفة والمزدلفة والطواف بالبيت من شعائر الحج فى الجاهلية أيضًا، فلما جاء الإسلام ذكر الله ذلك فى كتابه، فصار من شعائر الحج فى الإسلام.