فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: ٢٨] ولم يخص واجبًا من تطوع، فهو عام فى جواز الأكل إلا بدلالة، وأيضًا فإن الإجماع حاصل على جواز الأكل من دم المتعة ولا نعلم أحدًا منعه قبل الشافعى. وقول عائشة:(فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر) يردّ قوله؛ لأنه لا خلاف أن لحم البقر التى نحر النبى عليه السلام عن أزواجه كانت هدى المتعة التى متعن، وقد أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يحمل إليهن منه ليأكلنه. قال المهلب: وإنما لم يجز الكل من جزاء الصيد لأنه غرم جناية، فإذا أكل منه لم يغَرم المثل الذى أوجب الله عليه، وفدية الأذى من هذا الباب، وأما نذر المساكين فإذا نذره فقد أوجبه لهم، فإذا اكل منه فلم ينفذ إليهم حقوقهم. واحتج الطحاوى لأبى حنيفة فقال: ظاهر قوله: (فكلوا منها وأطعموا) إباحة الأكل من جميع الهدايا إذ لم يُذكر فى ذلك خاص منها، واحتمل أن باطن الآية كظاهرها، واحتمل أن تكون على خلاف ظاهرها، فنظرنا فى ذلك، فوجدنا أهل العلم لا يختلفون فى هذى التطوه إذا بلغ محله؛ أنه مباح لمهديه الأكل منه وأنه ما دخل فى هذه الآية، وشهد بذلك السُنَن المأثورة، لأن النبى عليه السلام قد أكل من هديه فى حجته، وكانت تطوعًا، ووجدناهم لا يختلفون فى جزاء الصيد والنذر للمساكين أن مُهدِى ذلك لا يأكل منه وأنه غير ذا حل فى هذه الآية. واختلفوا فى هدى القران والمتعة وهدى الجماع، فنظرنا فى ذلك فكان هدى المتعة والقران بهدى التطوع أشبه منهما بما سوى ذلك من الهدايا إذا كان هاذان الهديان إنما يجبان بأفعال غير