منهى عنها كالهدى التطوع الذى يجب بفعل غير منهى عنه ولم يكن ذلك كهدى النذر؛ لأن هدى النذر إنما يكون شكر الشىء يراد به أن يكون جزاء له. كقول الرجل: إن بلغنى الله تعالى الحج فله على أن أهدى بدنة، فأشبهت العوض عن الأشياء التى تتعوض بهدى وكأن هدى الجماع بهدى جزاء الصيد أشبه منه بهدى التطوع؛ إذ كانت إصابة الصيد منهى عنها فى الإحرام، وإصابة الجماع كذلك فلم تجز أن يؤكل منها كما لا يجوز أن يؤكل من نظيرها من الهدايا، وأما هدى التطوع إذا عطب قبل محله، فقد اختلف أهل العلم فيه، فقالت طائفة: صاحبه ممنوع من الأكل منه. رُوى ذلك عن ابن عباس وهو قول مالك وأبى حنيفة والشافعى، ورخصت طائفة فى الكل منه، روى ذلك عن عائشة وعبد الله بن عمر. قال المؤلف: وأما حديث جابر فهو مجمل كالآية. وفيه: جواز الأكل من الهدى دون تخصيص نوع منه بالمنع. وقد ذكرت أقوال العلماء فى الآية، واقتضى ذلك معنى الحديث. وقول جابر: كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث. فقال النخعى: وكان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم، فأبيح للمسلمين الكل منها، وإنما منعوا من ذلك فى أول الإسلام من أجل الدافة فلما زالت العلة الموجبة لذلك أمرهم أن يأكلوا ويدخروا. واختلف فى مقدار ما يأكل منها ويتصدق، فذكر علقمة أن ابن مسعود أمره أن يتصدق بثلثه، ويأكل ثلثه، ويهدى ثلثه. وروى عن عطاء، وهو قول الشافعى وأحمد وإسحاق، وقال الثورى: يتصدق بأكثره. وقال أبو حنيفة: ما أحب أن يتصدق بأقل من الثلث.