وقال علقمة والنخعى: عليه حجة وعمرة. وهو قول الكوفيين، وقال مجاهد والشعبى: عليه حج قابل. وقال مالك فى المدونة: لا قضاء على المحصر بعدو فى حج التطوع ولا هدى عليه؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يأمر أصحاب الحديبية بقضاء ولا هدى، إلا أن تكون حجة الإسلام، فعليه حج قابل والهدى. وبه قال الشافعى وأبو ثور. واحتج الكوفيون بأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لما صُدَّ فى الحديبية قضاها فى العام القابل، فسميت عمرة القضاء. واحتج أصحاب مالك فقالوا: هذه التسمية ليست من الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا من أصحابه، وإنما هى من أهل السير، فليس فيها حُجَّة، ولم تُسم عمرة القضاء من أجل ما ذكروه، وإنما سميت من أجل أن النبى عليه السلام قَاضَى عام الحديبية قُريشًا وصالحهم لمدة من الزمان، وعلى أن يرجع إلى مكة فى العام المقبل، ولو وجب عليهم القضاء لعرفهم به وقال: هذه العمرة لى ولكم قضاء عن التى صُددنا عنها؛ لأن الله تعالى فرض عليه البيان والتبليغ، فلما لم يعرفهم بذلك ولا أمرهم به دل أنه لم يكن واجبًا، ووجه إيجاب مالك عليه الهدى من أجل أن إحرامه حيل بينه وبين تمامه بالوصول إلى البيت. وجعل أبو حنيفة العمرة عوضًا من ذلك، فإن قيل: فما وجه ذكر حديث ابن عمر فى هذا الباب، وليس فى لفظه ما يدل على الترجمة؟ قيل: وجه ذلك والله أعلم أن البخارى استغنى بشهرة قصة صَدِّ النبى عليه السلام بالحديبية، وأنهم لم يؤمروا بالقضاء فى ذلك لأنها لم تكن حجة الفريضة، وإنما كانوا محرمين بعمرة، فلذلك قال مالك: لا قضاء على المحصر بعدوٍ للحج إذا كان تطوعًا، كما لم يكن على الرسول (صلى الله عليه وسلم) قضاء العمرة التى صُدَّ عنها؛ لأنه لم يعرفهم فى عمرة القضاء أنها قضاء عن التى صُدَّ عنها.