للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناجية بن جندب الأسلمى، عن أبيه قال: (أتيت النبى عليه السلام حين صُدَّ عن البيت فقلت: يا رسول الله، ابعث معى بالهدى فلأنحره فى الحرم، قال: وكيف تأخذ به؟ قلت: آخذ به فى أودية لا يقدرون علىّ فيها، فبعثه معى حتى نحرته) . وقال آخرون: كان النبى (صلى الله عليه وسلم) فى الحديبية وهو يقدر على دخول الحرم، ولم يكن صُد عن الحرم، وإنما صُد عن البيت. واحتجوا بحديث رواه ابن إسحاق، عن الزهرى، عن عروة، عن المسور (أن النبى عليه السلام كان بالحديبية خباؤه فى الحل، ومُصَلاه فى الحرم) . ولا يجوز فى قول أحد من العلماء لمن قدر على دخول شىء من الحرم أن ينحر هديه دون الحرم. فلما ثبت الحديث الذى ذكرناه أن الرسول كان يصل إلى الحرم، استحال أن يكون نحر الهدى فى غير الحرم؛ لأن الذى يبيح نحر الهدى فى غير الحرم إنما يبيحه فى حال الصَّدِّ عن الحرم، لا فى حال القدرة على دخوله، فانتفى بما ذكرناه أن يكون الرسول (صلى الله عليه وسلم) نحر الهدى فى غير الحرم، وهذا قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد. وقد احتج أهل المقالة الأولى بما روى سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن يعقوب بن خالد، عن أبى أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال: (خرجت مع على وعثمان، رضى الله عنهما، فاشتكى الحسن بالسقيا وهو محرم، فأصابه برسام فأومأ إلى رأسه، فحلق على رأسه، ونحر عنه جزورًا) . ورواه مالك عن يحيى، ولم يذكر عثمان ولا أن الحسن كان محرمًا، فاحتجوا بهذا الحديث؛ لأن فيه أن عليا نحر الجزور دون الحرم. قال الطحاوى: والحجة عليهم فى ذلك أنهم لا يبيحون لمن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>