فلما جعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الجزاء فى الصيد ولم يذكر فى ذلك عمدًا ولا خطأ؛ ثبت أن ذلك سواء فى وجوب الجزاء، وقال الزهرى: نزل القرآن بالعمد، وهو فى الخطأ سنة. قال الطحاوى: والقياس يدل على هذا المعنى لأنا قد رأينا الله تعالى قد حرم على المحرم أشياء منها: الجماع، وقتل الصيد، مع سائر ما حرمه الله عليهم سواهما، فكان مَنْ جَامع فى إحرامه عامدًا أو ساهيًا فى وجوب الدم وفساد الحج، وكذلك قتل الصيد كالجماع، سواء يستوى فيه العمد والخطأ، والخطأ بالكفارة أقل من العمد؛ لأن الله تعالى جعل فى كتابه على من قتل مؤمنًا خطأ ولم يوجبها على من قتله متعمدًا. قال ابن القصار: واحتج أهل الظاهر بقوله عليه السلام: (رفع عن أمتى الخطأ والنسيان) قال: والفقهاء مجمعون أن الخطأ والنسيان ليس فى غتلاف الأموال، وإنما المراد به رفع المأثم. قال إسماعيل بن إسحاق: وما رواه أهل الظاهر عن ابن عباس فإسناده ضعيف، رواه قتادة عن رجل، عن ابن عباس. واختلفوا فى تأويل قوله:(فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)[المائدة: ٩٥] فقال ابن القصار عن مالك: إذا قتل المحرمُ صيدًا لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ فى المنظر، فعليه مثله، ففى الغزال شاة، وفى النعامة بدنة، وفى حمار الوحش بقرة. وبه قال مجاهد والحسن والشافعى. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: الواجب فى قتل الصيد القيمة، سواء كان له مِثْلٌ النَّعَم أم لا، وهو بالخيار بين أن يتصدق بقيمته وبين أن يصرف القيمة فى النعم فيشتريه ويهديه، وقالوا: لما لم يجز أن يراد بالمثل المثل من الجنس، عُلم أن المراد به القيمة، وأنها