تصرف فى النعم والدليل على أن المراد بالمثل القيمة قوله:(لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ)[المائدة: ٩٥] وهذا لفظ عام فى جميع الصيد، سواء كان له مثل أو لا، ومعلوم أن ما لا مثل له من جنسه ونظيره؛ فإن الواجب فى إتلافه القيمة، فصار المراد بالمثل القيمة فى أحد الأمرين فينبغى أن يكون المراد بالنظير؛ لامتناع أن يعبر باللفظ الواحد على معين مجانس؛ لأن القيمة متى صارت مرادة بالآية فى أحد نوعى الصيد صارت كالمذكورة فى الآية، فبقى حمل الآية على غيرها. قال ابن القصار: فالجواب أن قوله تعالى: (فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)[المائدة: ٩٥] فالمراد به مثل المقتول، ولو اقتصر عليه ولم يقيده بالنعم لكان الواجب فى الظبى ظبيًا، وفى النعامة نعامة، وفى بقرة الوحش بقرة، فلما قال:(مِنَ النَّعَمِ (أوجب أن يكون الجزاء مثل المقتول من النعم لا من غيره، ومثله من النعم ليس هو القيمة، والمماثلة من طريقة الخلقة مشاهدة محققة، وما طريقها القيمة طريقها الاستدلال. ولما خص الله النعم من سائر الحيوان لم تكن له فائدة، إلا أن المراد المثل من طريق الخلقة والصورة من النعم دون القيمة، ولم يعقل منه مثل ما قتل من الدراهم؛ لأنه لو اقتصر على قوله: (فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ)[المائدة: ٩٥] لم يعقل منه مثله من الدراهم، فتقييده بالنعم أولى ألا يعقل منه الدراهم، وقد يراد بالآية الحقيقة فى موضع والمجاز فى آخر، فيكون المثل من النعم فى قتل الغزال والنعامة وبقرة الوحش، وفيما لا مثل له القيمة، وإنما يتنافى ذلك فى حالة واحدة، فأما فى حكمين فلا. قال المهلب: فإن قيل: فقد قال مالك وجماعة الفقهاء غير أبى