حنيفة: فى الحمامة شاة، وليست الشاة مماثلة للحمامة. يقال له: أغفلت، وذلك أن اشتراطه تعالى فى المثل أن يكون من النعم، والطير ليست من النعم، فوجب أن يكون كل جزاء يغرم من النعم لا منجنس الحيوان المقتول؛ لأن الجزاء لا يكون إلا هديًا كما شرط الله) هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة: ٩٥] وأقل الهدايا من النعم شاة، فوجب هدى المقتول مما يكون هديًا لا مماثلا من جميع الجهات كما ظنالمخالف. واختلفوا فى قوله:(يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)[المائدة: ٩٥] فقال مالك: لا يجوز أن يكون القاتل أحد العدلين. وجوزه الثورى والشافعى، واختلف أصحاب أبى حنيفة على القولين، قال ابن القصار: والحجة لقول مالك قوله تعالى: (ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)[المائدة: ٩٥] كما قال تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ)[الطلاق: ٢] فيحتاج إلى حكمين غيره يحكمان، كما يحتاج إلى شاهدين غيره. وقال الطحاوى: ووجدنا الحكومات المذكورات فى كتاب الله فيما سوى ذلك إنما يكون من غير المحكوم عليهم، قال تعالى:(فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا)[النساء: ٣٥] ولا يجوز أن يكون الزوج الحكم الذى من أهله، وإنما يكون من عُلم عدله، وأُمن على المحكوم عليه وعلى المحكموم له، ولم يكن جارا إلى نفسه ولا دافعًا عنها شيئًا. قال ابن المنذر: اتفق مالك والكوفيون والشافعى وأحمد وأبو ثور أنه بالخيار، إن شاء أتى بالهدى، وإن شاء صام، وإن شاء تصدق، وقال الثورى: إن لم يجد هديا أطعم، فإن لم يجد طعامًا صام. وقال الحسن والنخعى: إن لم يكن عنده جزاؤه قُوِّم بدراهم، ثم قومت الدراهم بطعام وصام، وإنما أريد بالطعام الصيام.