للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سعيد بن جبير: إنما الطعام والصيام فيما لا يبلغ ثمن الهدى. والصواب قول من جعله بالخيار؛ لقول ابن عباس: كل شىء أراد فهو مخير، وما كان فإن لم يجد فهو الأول فالأول. واختلفوا فى الصوم المعدل فى القيمة، فكان بعضهم يقول: يصوم عن كل نُدَّيْن يومًا. هذا قول ابن عباس، وبه قال الثورى والكوفيون وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال بعضهم: يصوم عن كل مُدٍّ يومًا. هذا قول عطاء ومالك والشافعى، قال الطحاوى: فنظرنا فى ذلك، فوجدنا النبى (صلى الله عليه وسلم) قد أمر كعب بن عجرة أن يطعم كل مسكين يومًا واحدًا، كان يصوم اليوم الواحد عن المُدَّين. واختلفوا فى قوله تعالى: (وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [المائدة: ٩٥] هذا الوعيد معه جزاء عائد على مُصيب الصيد، كما كان عليه فى إصابته إياه بدءًا. فذهب بعضهم إلى أنه لا جزاء عليه فى ذلك إلا أول مرة، فإن عاد تُرك والنقمة، روى هذا عن شريح وذكره ابن المنذر عن ابن عباس وشريح والنخعى والحسن وقتادة ومجاهد. وذهب الكوفيون ومالك والشافعى وأحمد وإسحاق إلى أنه يحكم عليه بالجزاء كل مرة أصابه، قال الطحاوى: وهذا الصواب؛ لأنا روينا عن عمر وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وغيرهم، أنهم حكموا على المُحْرِمين بإصابة الصيد ولم يسأل أحد منهم المحكوم عليه هل أصاب صيدًا قبل إصابته ذلك الذى حكموا فيه بالجزاء، فدل ذلك على أنه لا فرق عندهم بين البدء والعود، والنظر يدل على ذلك؛ لأنا رأينا أشياء منع الله منها المحرمين، منها الجماع وقتل الصيد وغير ذلك، وكان من جامع فى إحرامه فوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>