للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلم فسره له كذلك، وكلهم لا يرى ما ليس من السباع فى طبعه العقر والعداء فى الأغلب من معنى الكلب العقور فى شئ، ولا يجوز عندهم للمحرم قتل الهر الوحشى ولا الثعلب ولا الضبع. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يقتل المحرم من السباع إلا الخمس المذكورة فى الحديث فقط، والكلب العقور عنده الكلب المعروف، وليس الأسد فى شىء منه. وأجازوا قتل الذئب خاصة من غير الخمس، وسوى هذه الخمس والذئب ابتدأته أم لا، ولا شىء عليهم فيها، وأما غيرها من السباع فلا يقتلها؛ فإن قتلها فداها إلا أن تبتدئه، فإن بدأته فقتلها فلا شىء عليه. وقال الشافعى: لا جزاء فى قتل جميع ما يكل، سواء كان طبعه الابتداء بالضرر أم لا، ولا جزاء عنده إلا فى قتل صيد حلال أكله من سباع الوحش أو الطير. قال ابن القصار: والحجة على أبى حنيفة أن الكلب العقور اسم لكل ما يتكلب من أسد أو نمر أو فهد، فيجب أن يكون جميع ما يتناوله هذا الاسم داخل تحت ما أبيح للمحرم قتله. وقد روى زيد ابن أسلم عن عبد ربه، عن أبى هريرة أنه قال: الكلب العقور: الأسد. وقال (صلى الله عليه وسلم) فى عتبة بن أبى لهب: (اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك. فعدا عليه الأسد فقتله) . فإذا أباح عليه السلام قتل الكلب العقور لخوف عقه وضرره، فالسبع الذى يفترس ويقتل أعظم وأولى؛ لأنه لا يجوز أن يمنع من قتله مع إباحه قتل ما هو دونه، ولما قال عليه السلام: (خمس فواسق يقتلن) فسماهن فواسق لفسقهن وخروجهن لما عليه سائر الحيوان، لما فيهن من الضرر، فأباح قتلهن لهذه العلة، كان الضرر الذى فى الأسد والنمر والفهد أعظم، فهو بالفسق وإباحة القتل

<<  <  ج: ص:  >  >>