للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى؛ لأنه إذا نص على شىء لضرره، فإنما نبه بذلك على أن الجنس الذى هو أكثر ضررًا أولى بذلك. كما ذكر الحية والعقرب، فنبه بهما على ما هو أعظم ضررًا من جنسهما، ونص على الفأرة، ونبه على ما هو أقوى حيلة من جنسها، ونص على الغراب والحِدَأ؛ لأنهما [. . . . . .] ويأخذان أزواد الناس، فكذلك نص على الكلب لينبه به على ما هو أعظم ضررًا منه، وأجاز قتل الأفعى، وهى داخلة عنده فى معنى الكلب العقور، والكلب العقور عنده صفة، لا عين مسماة. قال المؤلف: وقد نقض أبو حنيفة أصله فى الذئب فألحقه بالخمس، وليس بمذكور فى الحديث، فكذلك يلزمه أن يجعل الفهد والنمر وما أشبههما فى العدى بمنزلة الذئب. فإن قيل: إن الضبع من السباع، وهى غير داخلة عندكم فيما أبيح للمحرم قتله، قيل: قد قال الأوزاعى: كان العلماء بالشام يعدونها من السباع، ويكرهون أكلها. وذكر ابن حبيب عن مالك قال: لا يقتل الضبع بحال، وقد جاء أن فيها شاة إلا أن تؤذيه. وكذلك قال فى الغراب والحدأة. قال أشهب: سألت مالكًا: أيقتلها المحرم من غير أن يضراَّ به؟ قال: لا، إنما أذن فى قتلهما إذا أضراَّ فى رأيى، وإذا لم يضراَّ فهما صيد، وليس للمحرم أن يصيد، وليسا مثل العقرب والفأرة، ولا بأس بقتلهما وإن لم يضراَّ، وكذلك الحية. والحجة على الشافعى فى أنه لا يوجب الجزاء فيما خاصَّةُ عمومُ قوله تعالى: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) [المائدة: ٩٥] والصيد: عبارة عن الاصطياد، والأصطياد يقع على ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل،

<<  <  ج: ص:  >  >>