روى ذلك عن ابن عباس، وهو قول عطاء والشعبى والحكم، وعلة هذه المقالة ظاهر قوله تعالى:(وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)[آل عمران: ٩٧] قالوا: فجعل الله حرمه آمنا لمن دخله، فداخله آمن من كل شىء وجب عليه قبل دخوله حتى يخرج منه، وأما من كان فيه فأتى فيه حدا فالواجب على السلطان أخذه به؛ لأنه ليس ممن دخله من غيره. قاله الطحاوى والطبرى. قال الطبرى: وعلتهم فى أنه لا يكلم ولا يبايع حتى يخرج من الحرم أنه لما كان غير محظور عليهم، كان لهم فعله؛ ليكون سببًا إلى خروجه وأخذ الحدِّ منه. وقال آخرون: لا يُخرج من لجأ إلى الحرم حتى يخرج منه فيقام عليه الحد، ولم يحظروا مبايعته ولا مجالسته. روى ذلك عن ابن عمر، وقال: لو وجدت قاتل عمر فى الحرم ما هجته. وعلة هذه المقالة أن الله جعل الحرم أَمنا لمن دخله، ومن كان خائفًا وقوع الاحتيال عليه، فإنه غير آمن، فغير جائز إخافته بالمعانى التى تضطره إلى الخروج منه لأخذه بالعقوبة التى هرب من أجلها. وقال آخرون: من أتى فى الحرم ما يجب به عليه الحد؛ فإنه يقام عليه ذلك فيه، ومن أتاه فى غيره فدخله مستجيرًا به، فإنه يُخرج منه ويُقام عليه الحد. روى ذلك عن ابن الزبير والحسن ومجاهد وعطاء وحماد، وعلة هذه المقالة أن الله جعل الحرم لمن دخله أمنةً من أن يعاقب فيه، ولم يجعله أمنةً من الجزاء الذى أوجبه عن من فعله. وذكر الطحاوى عن أبى يوسف قال: الحرم لا يجير ظالمًا، وإن من لجأ إليه أقيم عليه الحد الذى وجب قبل أن يلجأ إليه. ويشبه هذا أن يكون مذهب عمرو بن سعيد لقوله: (إن الحرم لا يعيذ