أخذ أهل الظاهر بحديث أنس وعقبة بن عامر وقالوا: من عجز عن المشى فلا هدى عليه اتباعًا للسنة فى ذلك، قالوا: ولا يثبت شىء فى الذمة إلا بيقين، وليس المشى مما يوجب نذرًا؛ لأن فيه تعب الأبدان، وليس الماشى فى حال مشيه فى حرمة إحرام، فلم يجب عليه المشى ولا بدل منه. وأما سائر الفقهاء فإن لهم فى هذه المسألة ثلاثة أقوال غير هذه: الأول: روى عن على بن أبى طالب وابن عمر أن من نذر المشى إلى بيت الله فعجز، أنه يمشى ما استطاع، فإذا عجز ركب وأهدى. وهو قول عطاء والحسن، وبه قال أبو حنيفة والشافعى، إلا أن أبا حنيفة وأصحابه قالوا: وكذلك إن ركب وهو غير عاجز، قالوا: ويكفر يمينه لحنثه كما حكاه الطحاوى عنه، وقال الشافعى: الهدى فى هذه المسألة احتياط من قِبَل أنه من لم يُطِقْ شيئًا سقط عنه، وحجتهم ما رواه همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عقبة ابن عامر (أن أخته نذرت المشى إلى بيت الله، فسأل الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك، فقال: إن الله لغنى عن نذر أختك، فلتركب ولتُهد) . والقول الثانى: يعود ثم يحج مرة أخرى، ثم يمشى مَا ركبَ ولا هَدْى عليه، هذا قول ابن عمر، ذكره مالك فى (الموطأ) ، وروى عن ابن عباس وابن الزبير والنخعى وسعيد بن جبير. والقول الثالث: يعود فيمشى ما ركب وعليه الهدى، روى عن ابن عباس أيضًا، وروى عن سعيد بن المسيب والنخعى، وهو قول مالك، جمع عليه الأمرين: المشى والهدى؛ احتياطًا لموضع تفريقه المشى الذى كان يلزمه فى سفر واحد، فجعله فى سفرين قياسًا على التمتع والقران، والله أعلم.