قال الطحاوى: وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم، وهو قول مالك، والثورى، وأبى حنيفة، وأصحابه، والشافعى وغيرهم، واحتجوا بحديث هذا الباب، وقالوا: لما توعدهم النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، على مسح أرجلهم علم أن الوعيد لا يكون إلا فى ترك مفروض عليهم، وأن المسح الذى كانوا يفعلونه لو كان هو المراد بالآية، على ما قال الشعبى لكان منسوخًا بقوله: تمت ويل للأعقاب من النار - ويدل على صحة هذا أن كل من روى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صفة الوضوء روى أنه غسل رجليه، لا أنه مسحهما، وقد روى عنه (صلى الله عليه وسلم) ما يدل على أن حكمهما الغسل. روى مالك عن سهيل بن أبى صالح، عن أبيه، عن أبى هريرة، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: تمت إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه -. فهذا يدل على أن الرجلين فرضهما الغسل، لأن فرضهما لو كان المسح لم يكن فى غسلهما ثواب، ألا ترى أن الرأس الذى فرضه المسح لا ثواب فى غسله، والحجة على من قال بالمسح، ما أدخلوه من طريق النظر، أن يقال لهم: إنا رأينا أشياء يكون فرضها الغسل فى حال وجود الماء ثم يسقط ذلك الفرض فى حال عدم الماء، لا إلى فرض من ذلك الجنب عليه أن يغسل سائر جسده بالماء، فإذا