حديث الصعب فيمن بلغته الدعوة ولا يشك فى حاله من أهل الحرب فإنه يجوز بياتهم، وإنما الذى ينتظر بهم الصباح لا ستبراء حالهم بالأذان أو غيره من شعار أهل الإسلام من التبس أمره ولم يعرف حاله فعلى هذا يحمل حديث أنس. وقولهم:(محمد والخميس) يعنون: الجيش، ومعنى الكلام: هذا محمد وجيشه، أو قد جاء محمد وجيشه وإنما سمى: خميسًا؛ لأنه يخمس ما يجد من شيء. وقال الطحاوى: اختلف أهل العلم فى تأويل حديث أبى هريرة فذهب قوم إلى أن من قال: لا إله إلا الله فقد صار بها مسلمًا، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم واحتجوا به، وخالفهم آخرون وقالوا: لا حجة لكم فيه؛ لأن الرسول إنما كان يقاتل قومًا لا يوحدون الله فكان أحدهم إذا وحد الله علم بذلك تركه لما قوتل عليه وخروجه منه ولم يعلم بذلك دخوله فى الإسلام أو فى أحد الملل التى توحد الله وتكفر بجحدها مرسله وغير ذلك من الوجوه التى يكفر بها مع توحيدهم الله كاليهود والنصارى الذين يوحدون الله ولا يقرون برسوله. وفى اليهود من يقول: إن محمدًا رسول الله إلى العرب خاصة، فكان حكم هؤلاء ألا يقاتلوا إذا وقعت هذه الشبهة حتى تقوم الحجة على من يقاتلهم بوجوب قتالهم وقد أمر (صلى الله عليه وسلم) على بن أبى طالب حين وجهه إلى خيبر وأهلها يهود بما رواه ابن وهب، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن أبى صالح، عن أبيه، عن أبى هريرة (أن رسول الله لما دفع الراية إلى على حين وجهه إلى خيبر قال: امض ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك. فقال على: علام أقاتلهم؟ قال: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) .