ففى هذا الحديث أن النبى قد أباح له قتالهم وإن شهدوا ألا إله إلا الله حتى يشهدوا أن محمدًا رسول الله، وحتى يعلم على خروجهم من اليهود، كما أمر بقتال عبدة الأوثان حتى يعلم خروجهم مما قوتلوا عليه، وقد أتى قوم من اليهود إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) فأقروا بنبوته ولم يدخلوا فى الإسلام فلم يقاتلهم على إبائتهم الدخول فى الإسلام، إذ لم يكونوا بذلك الإقرار عنده مسلمين. وروى شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسال أن يهوديًا قال لصاحبه: تعال حتى نسأل هذا النبي. فقال له الآخر: لا تقل له نبى؛ فإنه إن سمعها صارت له أربعة أعين، فأتاه فسأله عن هذه الآية:(ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات (فقال: لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تسخبوا، تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببريء إلى سلطان ليقتله، ولا تقذفوا المحصنة، ولا تفروا من الزحف، وعليكم خاصة اليهود ألا تعدوا فى السبت؛ فقبلوا يده وقالوا: نشهد أنك نبي. قال: فما يمنعكم أن تتبعونى؟ قالوا: نخشى أن تقتلنا اليهود) فأقروا بنبوته مع توحيدهم لله ولم يكونوا بذلك مسلمين. فثبت أن الإسلام لا يكون إلا بالمعانى التى تدل على الدخول فى الإسلام وترك سائر الملل. وروى ابن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن حميد الطويل، عن أنس (أن رسول الله قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ فإذا شهدوا بذلك وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا؛ حرمت علينا