وحكى الطحاوى عن الأوزاعى: أن سؤر الكلب فى الإناء نجس، وفى الماء المستنقع ليس بنجس. قال ابن القصار: والدليل على طهارته أمره (صلى الله عليه وسلم) بغسل الإناء سبعًا، ولو كان منه نجاسة لأمر بغسله مرة واحدة، إذا التعبد فى غسل النجاسة إزالتها لا بعدد من المرات، وقد يجوز أن يؤمر بغسل الطاهر مرارًا لمعنى كغسل أعضاء الوضوء مرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، والغرض منها مرة واحدة، وقد قال مالك: إذا ولغ فى الطعام أكل الطعام، ويغسل الإناء سبعًا، اتباعًا للحديث. قال ابن القصار: والدليل على طهارة الكلب أيضًا أنه قد ثبت فى الشرع أن الطاهر هو الذى أبيح لنا الانتفاع به مع القدرة على الامتناع منه لا لضرورة، والنجس ما نهى عن الانتفاع به مع القدرة عليه، وقد قامت الدلالة على جواز الانتفاع بالكلب لا لضرورة كالصيد وشبهه، وإنما أمر بغسل الإناء سبعًا على وجه التغليظ عليهم، لأنهم نهوا عنها لترويعها الضيف، والمجتاز كذلك. قال ابن عمر، والحسن البصرى: فلما لم ينتهوا، غلظ عليهم فى الماء لقلة المياه عندهم فى البادية حتى يشتد عليهم، فيمتنعون من اقتنائها، لا لنجاسة. قال المهلب: وأما حديث الذى سقى الكلب، فغفر له، ففيه دليل على طهارة سؤره، لأن الرجل ملأ خفه وسقاه به، ولا شك أن سؤره بقى فيه واستباح لباسه فى الصلاة وغيرها دون غسله، إذا لم يذكر فى الحديث أنه غسله.