قال غيره: وفيه وجه آخر، وذلك قوله: تمت فجعل يغرف حتى أرواه -. وذلك يدل أنه تكرر فعله فى تناوله الماء من البئر حتى أرواه مرة بعد أخرى، ولو كان سؤره نجسًا لأفسد البئر بذلك. قال المهلب: وفى هذا الحديث دليل أن فى كل كبد رطبة أجر، كان مأمورًا بقتله أو غير مأمور، فكذلك يجب أن يكون فى الأسرى من الكفار، لأن التعطيش، والتجويع تعذيب، والله تعالى لا يريد أن يعذب خلقه بل تمثل فيهم فضله من الإحسان على عصيانهم. وفى حديث حمزة أن الكلب طاهر، لأن إقبالها وإدبارها فى الأغلب أن تجر فيه أنوفها وتلحس فيه الماء وفتات الطعام، لأنه كان مبيت الغرباء والوفود، وكانوا يأكلون فيه، وكان مسكن أهل الصفة، ولو كان الكلب نجسًا لمنع من دخول المسجد لاتفاق المسلمين أن الأنجاس تجنب المساجد، قال الله تعالى:(إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)[التوبة: ٢٨] . وقوله: تمت تقبل وتدبر - يدل على تكررها على ذلك، وتركهم لها يدل على أنه لا نجاسة فيها، لأنه ليس فى حىٍّ نجاسة. وقد روى ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب زيادة فى هذا الحديث عن ابن عمر، قال: تمت كانت الكلاب تبول، وتقبل وتدبر فى المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك -. ورواه أبو داود. وأما حديث عدى، فهو أدل شىء على طهارة الكلب ولعابه، وقد