حياة الرسول حتى قبض، ثم ولى أبو بكر فكانت كذلك فعمل فيها بما عمله رسول الله حياته، ثم ولى عمر فعمل فيها مثل ذلك، ثم ولى عثمان فأقطعها مروان، فجعل مروان ثلثيها لعبد الملك وثلثها لعبد العزيز، فجعل عبد الملك ثلثًا للوليد، وثلثًا لسليمان، وجعل عبد العزيز ثلثه لى، فلما ولى الوليد جعل ثلثه لى، فلم يكن لى مال أعود على ولا أسد لحاجتى منها، ثم وليت أنا فرأيت أن أمرًا منعه النبى (صلى الله عليه وسلم) فاطمة ابنته أنه ليس لى بحق، وإنى أشهدكم أنى قد رددتها إلى ما كانت عليه فى عهد رسول الله) . قال الطبرى: وأما عثمان فإنه كان يرى فى ذلك أنه لقيم أمر المسلمين أن يصرفه فيما رأى صرفه فيه، ولذلك أقطعه مروان وذهب فى ذلك إن شاء الله إلى ما حدثنا أبو كريب قال: حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الوليد بن جميع، عن أبى الطفيل قال:(جاءت فاطمة إلى أبى بكر فقالت: أنت ورثت رسول الله أم أهله؟ قال: بل ورثه أهله. قالت: فما بال سهم الرسول؟ قال: سمعت النبى - (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إذا أطعم الله نبيا طعمة فقبض، فهو للذى يقوم بعده، فرأيت أن أجعلها فى الكراع والسلاح) . قالت: فأنت وما سمعت من رسول الله) وبهذا قال الحسن وقتادة. قال الطبرى: فإن قال قائل: فما وجه هذا الحديث وقد صح عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (ما تركت بعد نفقة نسائى ومئونة عاملى فهو صدقة) فكيف يكون وهو صدقة ملكًا لمن يقوم بعده؟ قيل: معنى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (فهو للذى يقوم بعده) يعمل فيه ما كان (صلى الله عليه وسلم) يعمل ويسلك به المسلك الذى كان يسلك، لا أنه جعله ملكًا، وهذا التأويل يمنع الخبرين من التنافى. فإن قيل: وما ينكر أن يكون صدقة له من رسول الله تصدق بها عليه بعد وفاته؛ إذ