للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصواب يعذر به عند الله، فلا يسوغ أن يطلق على أحد منهم أنه قصد الخطأ وقاتل على غير تأويل سائغ له، هذا مذهب أهل السنة، فكل واحد منهم مجتهد محق عند نفسه، والقاتل منهم والمقتول فى الجنة إن شاء الله. والله يوسع لكل منهم رحمته كما سبقت لهم الحسنى. فإن قيل: فما معنى قوله: إلا ظالم أو مظلوم؟ قيل: معناه: ظالم فى تأويله عند خصمه ومخالفه، ومظلوم عند نفسه إن قتل، وإنما أراد الزبير أن يبين بقوله هذا أن تقاتل الصحابة الذين هم خير أمة أخرجت للناس ليس كتقاتل أهل البغى والعصبية الذى القاتل والمقتول فيه ظالم؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار) لأنه لا تأويل لواحد منهم يعذر به عند الله، ولا شبهة له من الحق يتعلق بها، فليس منهم أحد مظلوم بل كلهم ظالم. وكان الزبير وطلحة وجماعة من كبار الصحابة خرجوا مع عائشة أم المؤمنين لطلب قتلة عثمان، وإقامة الحد عليهم، ولم يخرجوا لقتال على؛ لأنه لا خلاف بين الأمة أن عليا أحق بالإمامة من جميع أهل زمانه، وكان قتلة عثمان لجئوا إلى على، فرأى على أنه لا ينبغى إسلامهم للقتل على هذا الوجه حتى يسكن حال الأمة، وتجرى المطالب على وجوهها بالبينات وطرق الأحكام؛ إذ علم أنه أحق بالإمامة من جميع الأمة، ورجاء أن ينفذ الأمور على ما أوجب الله عليه، فهذا وجه منع على للمطلوبين بدم عثمان، فكان من قدر الله ما جرى به القلم من تقاتلهم. ولذلك قال الزبير لابنه ما قال لما رأى من شدة الأمر وأن الجماعة لا تنفصل إلا عن تقاتل. وقال: (لا أرانى إلا سأقتل مظلومًا) لأنه لم يبن على قتال ولا عزم عليه، ولما التقى الزحفان فر، فاتبعه ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>