للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرموز فقتله فى طريقه فى غير قتال ولا معركة، وقد يمكن الزبير أن يكون سمع قول الرسول: (بشر قاتل ابن صفية بالنار) فلذلك قال: (لا أرانى إلا سأقتل اليوم مظلومًا) والله أعلم. قال المهلب: قوله: (وثلثه لبنيه) يعنى: ثلث الثلث الموصى به لحفدته، وهم بنو ابنه عبد الله. وقوله: (فإن فضل فضل بعد قضاء الدين والوصية، فثلثه لولدك) . يعنى: ثلث ذلك الفضل الذى أوصى للمساكين من الثلث لبنيه. قوله: (وقد وازى بعض بنى الزبير) يجوز أن يكون وازاهم فى السن، ويجوز أن يكون وازى بنو عبد الله فى أنصبائهم من الوصية أولاد الزبير فيما حصل لهم من ميراث الزبير أبيهم، وهذا الوجه أولى. وإلا لم يكن لذكر كثرة أولاد الزبير معنى فى الموازاة فى السن. وفيه دليل على دفع تأويل المتشيعة على عائشة ومن تابعها أنها ظالمة؛ لأن الله لا يكون وليا للظالم. وأما قول الزبير للذين كانوا يستودعونه (لا ولكنه سلف) إنما يفعل ذلك خشية أن يضيع المال فيظن به ظن سوء فيه أو تقصير فى حفظه، فيرى أن هذا أبقى لمروءته، وأوثق لأصحاب الأموال؛ لأنه كان صاحب ذمة وافرة، وعقارات كثيرة، فرأى أن يجعل أموال الناس مضمونة عليه، ولا يبقيها تحت شيء من جواز التلف، ولتطيب نفس صاحب الوديعة على ذمته. وتطيب نفسه هو على ربح هذا المال. وقوله: (وما ولى إمارة قط ولا جباية خراج) فيكثر ماله من هذا الوجه فيكون عليه فيه ظن سوء ومغمز لظن عمر والمسلمين بالعمال، حتى قاسمهم، بل كان كسبه من الجهاد وسهمانه من الغنائم مع رسول الله وخليفتيه بعده، فبارك الله فى ماله لطيب أصله، وربح أرباحًا بلغت ألوف الألوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>