للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا حتى تصيبه قارعة. وقال عبد الله بن عمر وقد أبصر قومًا يفعلون ذلك بطائر: أما إنهم سيقادون لها. وذكر الطبرى عن قتادة، وعن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبى نهى عن المجثمة. قال: المجثمة التى التصقت بالأرض، وحبست على القتل والرمى، فإذا جثمت من غير أن يفعل ذلك بها فهى جاثمة. وفى كتاب الأفعال: قال: جثم على ركبتيه جثومًا. ومنه قوله تعالى: (فأصبحوا فى ديارهم جاثمين (. قال الطبرى: ويحتمل قوله (صلى الله عليه وسلم) عن المجثمة معنين: أحدهما: أن يكون نهيًا عن رميها بعد تجثيمها فيكون المعنى فيها النهى عن تعذيبها بالرمى والضرب. والثانى: أن يكون معنى النهى عنها عن أكل لحمها إذا هى ماتت بالضرب والرمى؛ لأنها إذا ماتت كذلك بعد أن تجثم، فهى ميتة؛ لأنها لا تجثم إلا بعد أن تصاد، ولو كانت هى الجاثمة من قبل نفسها، ولم يقدر على صيدها إلا بالرمى، فرماها ببعض ما يخرجها ليحبسها، فماتت من رميه كانت حلالا؛ لأنها حينئذ جاثمة لا مجثمة، وهى صيد صيد بما يصاد به الوحش. ونهيه (صلى الله عليه وسلم) عن المجثمة نظير نهيه عن المصبورة، غير أن التجثيم عند العرب هو فى الممتنعات من الوحش والطير الذى ينبذ بالأرض ويجثم بها، وأن الصيد المصبر يكون فى ذلك وغيره، فإن وجه موجه معنى نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن المجثمة بالمعنى الأول؛ كان ذلك نظير نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن صبر البهائم، وذلك نهى عن تعذيبها، وإن وجهه إلى المعنى الثانى، وهو النهى عن أكل لحمها إذا ماتت من الرمى؛ كان ذلك نظير نهيه تعالى عن المنخنقة والموقوذة والمتردية،

<<  <  ج: ص:  >  >>