وفى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (ألقوها وما حولها) دليل أن السمن كان جامدًا، لأنه لا يتمكن طرح ما حولها فى الذائب المائع؛ لأن فى الحركة يسرح بعضه بعضًا. والعلماء مجمعون أن هذا حكم السمن الجامد تقع فيه الميتة أنها تلقى وما حولها ويؤكل سائره؛ لأن رسول الله حكم للسمن الملاصق للفأرة بحكم الفأرة، لتحريم الله الميتة، فأمر بإلقاء ما مسها منه. وأما السمن المائع والزيت والخل والمرى والعسل وسائر المائعات تقع فيها الميتة، فلا خلاف أيضًا بين أئمة الفتوى أنه لا يؤكل منها شيء. واختلفوا فى بيعه والانتفاع به، فقالت طائفة: لا يباع ولا ينتفع بشيء منه، كما لا يؤكل. هذا قول الحسن بن صالح وأحمد بن حنبل، واحتجوا بما رواه معمر، عن الزهرى، عن سعيد، عن أبى هريرة أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (فإن كان مائعًا فلا تقربوه) وبقوله: (لعن الله اليهود؛ حرمت عليهم الشحوم فباعوها، وأكلوا ثمنها) . وقال آخرون: يجوز الاستصباح به، والانتفاع فى الصابون وغيره، ولا يجوز بيعه وأكله. هذا قول مالك والثورى والشافعي. واحتجوا برواية عبد الواحد بن زياد، عن معمر، عن الزهرى، عن سعيد، عن أبى هريرة أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (وإن كان مائعًا فاستصبحوا به) قالوا: وقد روى عن على بن أبى طالب وابن عمر وعمران بن حصين أنهم أجازوا الاستصباح به، وأمر ابن عمر أن تدهن به الأدم. وذكر الطبرى عن ابن عباس مثله، وذكر ابن المنذر عن ابن مسعود وأبى سعيد الخدرى وعطاء مثله. واحتجوا فى منع بيعه بقوله (صلى الله عليه وسلم) فى الخمر: (إن الذى حرم شربها حرم بيعها) وبحديث النبى