عن بيع الشحوم، وأيضًا فإنه قد ينتفع بما لا يجوز بيعه؛ ألا ترى أنا ننتفع بأم الولد ولا يجوز بيعها، وينتفع بكلب الصيد ويمنع من بيعه، ونطفىء الحريق بالماء النجس والخمر ولا يجوز بيعه، وهذا كله انتفاع، ذكره ابن القصار. وقال آخرون: ينتفع بالزيت الذى تقع فيه الميتة بالبيع وبكل شيء ما عدا الأكل. قالوا: يجوز أن يبيعه ويبين؛ لأن كل ما جاز الانتفاع به جاز بيعه، والابتياع من الانتفاع. وهو قول أبى حنيفة وأصحابه والليث. وروى عن أبى موسى أنه قال: بيعوه وبينوا لمن تبيعونه منه، ولا تبيعونه من مسلم. وروى ابن وهب عن القاسم وسالم أنهما أجازا بيعه وأكل ثمنه بعد البيان. قال الكوفيون: ويحتمل ما قال معمر من قوله (صلى الله عليه وسلم) : (وإن كان مائعًا فلا تقربوه أو فلا تقربوه) للأكل، وليس فى تحريم الشحوم على اليهود تحريم ثمنها حجة لمن منع بيع الزيت تقع فيه الميتة؛ لأن الحديث خرج على تحريم شحوم الميتة وهى نجسة الذات، ولا يجوز بيعها ولا أكلها ولا الانتفاع بها، والزيت والسمن الذى تقع فيه الميتة إنما تنجس بالجوار، ولا ينجس بالذات، كالثوب الذى يصيبه الدم، ولذلك رأى بعض العلماء غسله، ويجوز عندهم الاستصباح به، ولا يجوز بشحوم الميتة. قال ابن القصار: وقال أهل الظاهر: لا يجوز بيع السمن ولا الانتفاع به إذا وقعت فيه الفأرة، ويجوز بيع الزيت والخل والمرى وجميع المائعات تقع فيه الفأرة؛ لأن النهى إنما ورد فى السمن لا فى الزيت وغيره. وهذ إبطال للمعقول؛ لأن الرسول نص على السمن