للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ، وَهُوَ غَضْبَانُ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ قَالَ: (وَاللَّهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلا أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا) . واليمين فيما لا يملك فى حديث الأشعريين معناه أن النبى حلف ألا يحملهم، فكان ظاهر هذه اليمين الإطلاق والعموم، ثم آنسهم بقوله: (وما عندى ما أحملكم عليه) ومثال هذا أن يحلف رجل ألا يهب ولا يتصدق ولا يعتق، وهو فى حال يمينه لا يملك، ثم يطرأ له بعد ذلك مال، فيهب أو يتصدق أو يعتق، فعند جماعة الفقهاء تلزمه الكفارة إن فعل شيئًا من ذلك، كما فعل عليه السلام بالأشعريين، أنه تحلل من يمينه، وأتى الذى هو خير، ولو حلف ألا يهب ولا يتصدق ما دام معدمًا، وجعل العدم عله لامتناعه من ذلك، ثم طرأ له بعد ذلك مال، لم يلزمه عند الفقهاء كفارة إن وهب أو تصدق أو أعتق، لأنه إنما أوقع يمينه على حالة العدم لا على حالة الوجود، هذا ما فى حديث أبى موسى من معنى اليمين فيما لا يملك. واختلفوا من هذا المعنى إذا حلف الرجل يعتق ما لا يملك إن ملكه فى المستأنف، فقال مالك: إن عين أحدًا أو قبيلة أو جنسًا لزمه العتق، وإن قال: كل مملوك أملكه أبدًا حر، لم يلزمه عتق، وكذلك فى الطلاق إن عين قبيلة أو بلدة أو صفة ما، لزمه الحنث، وإن لم يعين لم يلزمه. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يلزمه الطلاق والعتق سواء عم أو خص. وقال الشافعى: لا يلزمه ما خص ولا ما عم.

<<  <  ج: ص:  >  >>