الناس، إنما هو التهليل والتحميد وتلاوة القرآن) ، فحكم للذكر كله والتلاوة بغير حكم كلام الناس، والحالف إذا حلف ألا يتكلم، فإنما هو محمول عند العلماء على كلام الناس، لا على الذكر والتلاوة وهذا لا أعلم فيه خلافا، إلا أنه إذا نوى ألا يقرأ ولا يذكر الله فهو على نيته كما قال البخارى. وأجمعوا أنه إذا حلف ألا يتكلم وتكلم بالفارسية أو بأى لغة تكلم أن حانث، ويشبه معنى هذا الباب إذا حلف ألا يكلم رجلا فكتب إليه أو أرسل إليه رسولا، فقال مالك: يحنث فيهما جميعًا إلا أن تكون له نية على المشافهة، ثم ذكر أنه رجع بعد ذلك فقال: لا ينوى فى الكتاب، وأراه حانثًا إلا أن يرتجع الكتاب قبل وصوله فلا يحنث. وحكى ابن أبى أويس أنه قال: الرسول أهون من الكتاب؛ لأن الكتاب سر لا يعلمه إلا هو وصاحبه، وإذا أرسل إليه رسولا علم ذلك الرسول. وقال الكوفيون والليث والشافعى: لا يحنث فيهما. وهو قول ابن أبى ليلى، وقال أبو ثور: لا يحنث فى الكتاب. واختلفوا إذا أشار إليه بالسلام، فقال مالك: يحنث. واحتج ابن حبيب فى أن الإشارة بالسلام كلام بقوله تعالى لزكريا: (ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا (. وقال عيسى عن ابن القاسم: ما أرى الإشارة بالسلام كلامًا. وقال محمد بن عبد الحكم: لا يحنث فى الإشارة بالسلام، ولا فى الرسول، ولا فى الكتاب؛ لأنه لم يكلمه فى ذلك كله.