واحتج أبو عبيد فقال: الكلام غير الخط والإشارة، وأصل هذا - قال -: أن الله قال لزكريا: (آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا (. وقال فى موضع آخر: (فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا (والرمز: الإشارة بالعين والحاجب. والوحى: الخط والإشارة، ويقال: كتب إليهم وأشار إليهم وفى قصة مريم: (إنى نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيا (ثم قال: (فأشارت إليه (فصار الإيماء والخط خارجين من معنى النطق. واختلفوا لو سلم على قوم هو فيهم، فقال مالك والكوفيون: قد حنث، قال ابن القاسم عن مالك: علم أنه فيهم أو لم يعلم إلا أن يحاشيه. وقال الشافعى: لا يحنث إلا أن ينويه بالسلام. واحتج أبو عبيد لقول مالك والكوفيين فقال: ومما يبين أن السلام كلام أن إمامًا لو سلم بين ركعتين متعمدًا كان قاطعًا للصلاة، كما يقطعها المتكلم، وقد نهى النبى عن الهجرة وأمر بإفشاء السلام، فبان بأمره بهذا ونهيه عن هذا أنهما متضادان، وأن المسلم على صاحبه ليس بهاجر له.